الأحد، 9 يناير 2011

                        ثقافة العنف من يقف ورائها

إن ظاهرة العنف موجودة منذ الأزل وقد ازدادت واتسعت باتساع العالم وتطور أدواته المعرفية وقد دلت على ذلك كتب التاريخ
كما دعمها بعد ذلك ترسيخ مفاهيم وقيم العنف والجريمة من قبل أنظمة سياسية معينة أو تيارات متطرفة استغلت نفوذها لغرض تحقيق أهدافها ..يساعدها بذلك ضعف الوعي الثقافي والاجتماعي وعدم وجود قوانين تحد من انتشار ه على المستوى الوطني أو العالمي لان العنف كما يقول ريمون ارون ((كل فعل يمثل تدخلا خطيرا في حرية الآخر وحرمانه من التفكير والرأي والتقرير وتحويل الآخر إلى وسيلة أو أداة لتحقيق أهدافه دون إن يعامله كعضو حر أو كفء)) .
لقد ساعدت التطورات التقنية والفنية من الحصول على المعلومات بأسرع ما يمكن مما خلق حافز عند المتلقي أو القارئ من الاطلاع على ما يجري في العالم والتفاعل معه
  إلى درجة تصل في أحيان معينة إلى تقليده والاعتماد عليه في كثير من أمور الحياة باعتبار العالم أصبح قرية صغيرة وبإمكاننا معرفة كل ما يحصل  أول بأول من خلال وسائل الاتصال المباشرة .
لقد اتصلت ثقافة العنف بالمجتمعات وارتبطت معها وفق ما تفرضه من قيم وقواعد عرفية سادت فيها وامتدت معها على مدى تاريخها
لذا نرى ظاهرة العنف ارتبطت بهذا النظام أو ذلك وفق النظرة التي يتعامل بها وما يوفر من فسحة الحرية والديمقراطية والتعامل القانوني والاجتماعي مع مواطنيه حيث يولد الكبت والحرمان من ابسط أنواع الحقوق نوعا معينا من العنف قد يتطور فيما بعد إلى أعمال أكثر اتساعا
 قد يروح ضحيتها أبرياء وتولد حالة من انهيار المنظومة القيمة والأخلاقية مما يمهد لظهور عادات جديدة تكون عواقبها وخيمة فيما بعد على النسيج الاجتماعي للبلد وهذا ما حدث بعد انهيار النظام السابق في العراق وتولدت نتيجتها أعمال عنيفة قاسية خلقت حالة من الفوضى التي راحت ضحيتها الأبرياء نتيجة سلوك سياسات مذهبية معينة كانت خافية تحت السطح لتطفو بسرعة فائقة نتيجة توفر الراضية الملائمة لها والتي لازالت آثارها لحد اللحظة .
لقد رسمت بعض البلدان نوع من الثقافات من خلال فسحة الحرية التي نصت عليها دساتيرها الوطنية وقوانينها التي سهلت مهمة المواطنين من التعامل معها والسير على هداها وذلك لأنها فتحت المجال لحرية التعبير والرأي أن تأخذ أبعاد معينة تمكن المواطنين من التصرف وفق تلك القوانين
إن الظروف الاجتماعية والثقافية تلعب دور كبير بتسليط مفاهيم معينة على عقلية المواطن وذلك من خلال ظهورها بشكل متواصل والتعامل معها لان الثقافة تشكل أسلوب حياة الشعوب وجزء من ارثها الذي ينتقل عن طريق اللغة التي تساعد الأخر للاطلاع على ما يجري في هذا البلد وتسهل معرفة حياتهم وطرق معيشتها وكذلك التعامل الذي كان سائدا فيما مضى ليتم الحكم هل النظام السائد يفسح المجال للحرية الشخصية وحرية التعبير أو كان نظاما قمعيا يتعامل وفق مبادئ دكتاتورية يقيد حرية المواطنين ويصادر آرائهم ويحجم دور الأفراد ليكونوا تابعين له وتحركون وفق أهوائه
 لذا فان أية ممارسة فردية أو مؤسساتية /مادية أو معنوية/ تهدف إلى النيل من قيمة الفرد أو مصادرة حريته السياسية أو المدنية يمكن أن تعتبر عملا عنفيا وفق المفاهيم التي تطالب بحرية الأفراد ومعتقداتهم
كما إن وسائل الإعلام قد تلعب دورا مهما في تسويق العنف والتحريض عليه سواء كان بشكل مقصود أو بحسن نيف طالما إن النتيجة توصل إلى القيام بإيذاء الآخرين والحد من معتقداتهم أو التأثير عليهم حيث أصبحت الحرب كما يقول الباحث (خالد خبرش في شبكة نبا الإخبارية  موقع انترنيت ))مادة ممتازة ومؤثرة للإعلام الحديث كما كانت في السابق موضوعا مثيرا للشاعر والرسام وحتى النحات فالحياة العادية السوية لا تشكل مادة للإعلامي الباحث عن الخير الجديد الخارج عن المألوف ))لذا اتجهت وسائل الإعلام من استغلال هذا الجانب والتعامل معه بجدية وذلك لأنه اخذ يجذب اكبر عدد من المشاهدين مما حدا بالشركات الإعلامية من استحداث أساليب كثير ة في التأثير من الاستعراض والاستخدام المكثف للصورة والعرض الدرامي للأخبار .
لذا فان ثقافة العنف وازديانها واتساع رقعتها يقف ورائها الكثير من الأسباب :
1)التضييق على الحريات وخنق حرية التعبير التي بدورها تؤدي إلى زيادة الاحتقان مما يقود إلى أعمال عنف
2)تهميش دور الآخر وعدم التعامل معه على أساس متكافئ وفسح المجال لممارسه معتقداته بشكل طبيعي
3)عدم سن قوانين تحدد الحقوق حتى إذا سنت فإنها تبقى حبر على ورق ويتم تطبيقها بشكل انتقائي وفق المصالح التي تخدم الحالك مما يولد حالة من الفوضى والإرباك  
4)اهتمام وسائل الإعلام بأخبار العنف وتركيزها بشكل مباشر على ما يدور بالعالم من مشاهد تكثر فيها صور القتل والدمار وعمليات الاختطاف وقطع الرؤؤس وغيرها .
5) قيام بعض وسائل الإعلام بنقل أخبار كاملة عن الجماعات المتطرفة وعرض نشاطاتهم وبياناتهم وكأنها الناطقة باسمهم .
6)التحريض المستمر على أعمال العنف من خلال إثارة مشاعر بعض الجهات بعرض برامج مسيئة لها يؤدي إلى إثارتها واستفزاها مما يولد شعور بالاهانة  والتوجه للقيام ببعض الأعمال التي يعتبرها رد اعتبار له  يروح ضحيتها الآخرين .
habebnif@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق