الأربعاء، 30 نوفمبر 2011

الثورة الحسينية ..دروس وعبر

تعتبر الثورات عبر التاريخ دروس وعبر للأجيال التي لم تعاصرها وإنما اتخذت منها دليل لعملها بالمستقبل بعد ان أحست أن ما قام به هؤلاء الثوار جدير بالاهتمام لما له من اثر في التوعية للوقوف بوجه الظلم والطغيان وعدم فسح المجال لصناعة الطغاة من جديد لان تنامي الوعي يجعلها مستعدة للنهوض بدورها الطليعي واستقبال الأفكار التي تدعو للثورة والتحرر والاطلاع على التضحيات التي سطرها الناس العظماء واختطوها بدمائهم.
إن الثورة الحسينية وما تحمله من دلالات فإنها تبقى خالدة في ضمائر الناس ومركز الهام لهم بعد أن دكت عروش الطغاة وما كانوا يمثلوا من قيم التخلف والانحطاط والاستهانة بعواطف المواطنين وشراء الذمم والتعامل معها لتمرير السياسة المنحرفة التي سلكوها لغرض تحقيق أهداف مشبوهة والتي صار لبعض الوعاظ والمحدثين دور مفضوح في إيصالها من خلال نسج الأكاذيب وتأويل الأحداث والتعامل معها على أساس الواقع المعاش وتصويرها بالطريقة التي تحرفها كما سعت إلى استغلال الوجوه الاجتماعية التي لها ثقل بين قبائلها وجذيها إلى جانبه واعتماد سياسة التجويع والمضايقة الاقتصادية وخاصة بالنسبة للناس الذين يعارضون نظام الحكم من اجل التأثير عليهم وجعلهم تابعين له بعد أن تم حرمانهم من مصدر رزقهم الوحيد الذي هم بحاجة إليه لكن كل هذه السبل لم تجدي نفعا بعد أحساس الناس بالجور والاضطهاد وان خانة الظلم قد أخذت تتسع لتشمل كافة الشرائح المسحوقة و تكوين طبقة مترفة تتحكم بمصائر الأكثرية من خلال تمتعها بكافة الامتيازات ووسائل السلطة لذلك التجأت إلى صوت الحق الهادر الذي انطلق من بيت النبوة وسار بكل قوة للإمام ناشدا إحقاق الحق ونصرة المظلوم حيث أعلن بكل أمانة وثقة بأنه لا يريد أية مجد شخصي أو شهرة أو سلطة وذلك انطلاقا من مبدأ الإمام علي عليه السلام عندما قال وهو يتصدى للأعداء (الهم انك تعلم انه لم يكن منا منافسة في سلطان ولا التماس شيء من هول الحطام لكن لنرد المعالم من دينك ونظهر الإصلاح في بلادك وتقام المعطلة من حدودك فيأمن المظلوم من عبادك )لذلك انطلق الإمام الحسين (ع)من هذا المبدأ الذي فتح له الباب واسعا لقيادة الثورة والتوجه بها نحو آفاقها الواسعة بعد أن أدرك بان ما قام به الحكام لا يمكن السكوت عنه فاندفع يقود الأمة نحو غدها الأفضل الذي أراد له أن يتحقق لكن قوة الطغاة وبطشهم اقوي من ذلك بسبب امتلاكهم وسائل القتل والإبادة والتدمير لقد أعلن حينما خرج للقتال (لم اخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما ..إنما خرجت لأطلب الإصلاح في امة جدي رسول الله (ص) )
ومن هذا المنطلق أعلن الثورة وحشد لها الطاقات والإمكانيات المتوفرة وتهيئة الناس لذلك مما دعاهم من الالتفاف حوله بعد ان عانوا الويلات من حكومة مستبدة وزعت الغنائم والمناصب بين أفرادها ولم تعطي لهؤلاء الفقراء والمساكين والذين سحقتهم بكل قوة ودفعت بهم الى فقر مقدع ليعلنوا وقوفهم مع الحق مضحين بأرواحهم معلنين دعمهم للإمام الحسين(ع)في مهمته الشاقة والعسيرة بعد أن تبينت رجحان كفة يزيد وعصابته لكنه قبلوا التحدي واستمروا في مسيرتهم والانطلاق من المدينة باتجاه العراق التي اعتبروها عاصمة للدولة المرتقبة .
إن الثورة الحسينية بإعلانها التحدي قد أسست لحالة لم تكن موجودة سابقة وهي عدم السكوت على الظلم والوقوف بوجهه مهما كلف الثمن مما جعلها تصبح قاعدة لكل الثائرين بالعالم ينتهلوا من دروسها وعبرها حيث نرى الزعيم الهندي غاندي يأخذ عن الإمام الحسين (ع)مبادئه الثورية وتحديه للطغاة ليعلن على انقضاضه على المحتلين بالهند بعد أن كيف هذه المبادئ وفق الطريقة التي رآها تتلاءم مع وضع بلده وضر وفها الخاصة وكذلك الثائر جيفارا الذي نشر مبادئ الديمقراطية في أمريكا الجنوبية وأصبح نموذجا للشباب الثائر في العالم هو امتداد للمبادي التي اختطها الإمام الحسين بثورته بالرغم من الفارق الزمني بينهما والاختلاف العقائدي وطبيعة النضال الذي تم سلوكه لكن الرابط بينهما هو الثورة على الوضع الراهن ورفض الذل والعبودية وتنوير الجماهير بالمبادئ والأفكار التحررية بالرغم انه كل منهما قد طرحها بطريقته الخاصة لكن في النهاية تنصب بمحصلة واحدة لتقرب المسافات بينهما وتتلاقى الخطى باتجاه طريق واحد هو
تغيير الأوضاع الراهنة لغرض إقامة حكومة عادلة تأخذ على عاتقها توفير الأمن والامان للجماهير والتعامل معها كقوة يمكن الاعتماد عليها في إقامة حكمها العادل الذي يتمثل :
1) القضاء على الانحراف التي سارت عليه الحكومات الديكتاتورية وإقامة حكومة شعبية مستمدة قوتها من حكم القانون
2) توزيع عادل للثروات بين الناس وعدم تفضيل فئة على أخرى الا بالعمل الجيد
3) تحريك الوعي لدى الجماهير وايقاضها من سباتها العميق بعد سيطرة الحكومات الظالمة لتأخذ بزمام الأمور من اجل قيادة نفسها
4)إن ما جاء به الأمام الحسين يدفعنا للتلاحم والتكاتف والتعامل مع الأمور بمنظور أخلاقي واجتماعي نتحمل من خلاله دورنا في النضال ضد قوى الإرهاب والشر من اجل القضاء عليها لإقامة مجتمع امن وعادل يتم الوصول فيه للأهداف المرجوة .
5)) التخلي عن بعض العادات الضارة والمكروهة التي تسيء لقضية الحسين التي استغلتها بعض الجهات لغرض المتاجرة بها وعدم التعامل معها مثل (عملية التطيير )التي لا تنفع بشيء حيث بإمكان الأشخاص الذين يمارسوه هذه العادة التبرع بالدم في المستشفيات من اجل الاستفادة منه وإعطائه للمرضى المحتاجين بدلا من هدره بهذه الطريقة لنكون بذلك قد أسدينا خدمة إنسانية للمحتاجين وبالتالي نكون قد حقننا احد الأهداف التي أكدت عليها الثورة الحسينية
6)) الاستفادة من المنابر الحسينية لغرض التوعية والتوجيه لخط الحسين ومبادئه الثورية والتعامل مع الواقع وفق نظرة مستقبلية تؤكد على الالتزام ونبذ حالات التطرف والتأكيد على التعايش السلمي بين الطوائف واحترام الآخر والتأكيد على كل ما يؤدي إلى تقدم البلد وتطوره
7)عدم الانجرار وراء الدعوات التي تحرض على قتل الآخرين او إقصاءهم لاختلاف في المذهب او العقيدة او الدين او الجنس او العنصر وغيرها من الأمور التي تعمل على تفريق البلد وجعله يعيش في دوامة الحرب الأهلية التي بدورها سوف تؤدي بان يخرج الجميع خاسرين لا يوجد فيها منتصر سوى الأعداء .
ان هذه المبادئ التي بقت خالدة واستطاعت على مدى أكثر من ألف سنة ان تظل متقدة وأكدت على انتصار الدم على السيف وانتصار المظلوم على الظالم وانتصار المبادئ والقيم على التخلف والفوضى تؤكد بان الحق لابد ان ينتصر مهما تجبر الطغاة واستعملوا وسائل البطش والقتل فانه سوف يأتي اليوم الذي تسطع فيه الشمس لترسل أشعتها في كل الاتجاهات .
Habebnif@yahoo.com

الجمعة، 25 نوفمبر 2011

الاعلام الرقمي ..ودوره في الثورات العربية

يلعب الإعلام دور مهما  في إيصال المعلومة وتوفيرها للجميع من اجل الاطلاع عليها  ومعرفة ما يدور في كل مكان من العالم وخاصة بعد التطورات العلمية وانتشار شبكة تكنولوجيا المعلومات التي تمكنت


من أن تجعل العالم قرية صغيرة متجاوزة آلاف الكيلومترات التي تبعدهم عن بعضهم  فبإمكان  كل شخص أن يتعرف على ما يجري  في العالم لحظة بلحظة عن طريق أجهزة الانترنيت وموقع الفيس بوك  حيث باستطاعة مستخدمي الانترنيت حث   الكثير من  المواطنين أو المعارضين من النزول إلى الشارع للتظاهر أو الاعتصام أو الاحتجاج  من خلال نداء  أو كلمة أو بيان يوجه للآخرين  مما يعني إن هناك تغطية إعلامية جديدة قد اجتاحت الشارع وتمكنت خلال لحظات ان توصل ما تريد وان تعرض بياناتها ونداءاتها بشكل متواصل و إن تنقل الإحداث بشكل مباشرة وهذا ما لاحظناه من تغطية لأحداث تونس أول بأول

كذلك تمكن الشباب في مصر إن يؤججوا الثورة ويحشدوا مئات الآلاف  للمشاركة بعمليات الاعتصام أو التظاهر ونقل الصور الحية بالرغم من أن الحكومة  قد أوقفت خدمات الهاتف النقال وكذلك خدمة الانترنيت من اجل فرض حصار إعلامي رقمي على المتظاهرين وعزلهم وعدم تمكينهم من إيصال صوتهم للعالم.

لقد اتخذت حكومة مبارك خطوة غير مسبوقة بقطع خدمات الإنترنت وخدمات الرسائل النصية عبر الهاتف الخلوي في مناطق مهمة من مصر، لكن كثيرين من أفراد الشعب المصري لديهم مستقبلات الأقمار الصناعية، وبالتالي فإنه يستطيع أن يتابع "المظاهرات والاحتجاجات  " في الشوارع وعلى شاشات التلفزيون في جميع أنحاء العالم، وهو ما دفع أفراد الشعب إلى مغادرة منازلهم وتعريض سلامتهم الشخصية من أجل الانضمام إلى المتظاهرين., وإيصال صوتهم للعالم للتعبير عن رفضهم للديكتاتورية والظلم ورغبتهم بنظام ديمقراطي مدني يحق لهم فيه التعبير عن آرائهم بكل حرية ودولة مدنية تضمن لهم مستقبل أفضل يمكن ان يصلهم إلى مصاف الدولة المتطورة ديمقراطيا والقضاء على سلطة الرجل الواحد .


لقد تمكن المدونين ومستخدمي الانترنيت من إشعال حماس المواطنين وإيصال المعلومات لهم وتبليغهم بالخطوات القادمة والمستقبلية مما جعل تلك الوسائل الرقمية الإعلامية  ان يكون لها  صدا مؤثر جدا وملموس وتمكنت  إن تسقط حكومات وهذا ما لاحظنا ه في ثورة الياسمين في تونس وما نلاحظه  الآن في الثورة المصرية رغم الإجراءات التعسفية التي تتخذ بالتضييق على الاتصالات وحجب المواقع لكن الشباب وبجهود فردية وإبداعات فنية وعلمية تمكنوا من ابتكار وسائل أخرى أكثر تطورا مكنتهم من إدامة زخم الاتصالات وعدم توقفها بالرغم من ضعفها لكنها تحاول ولو بالحد الأدنى من إيصال صوت الجماهير الغاضب وان تستقطب الرأي العام العالمي ومنظمات حقوق الإنسان وكافة المنظمات الدولية من التضامن معها والتحرك في مختلف دول العالم للقيام بتظاهرات تضامنية تدعوا العالم المتحضر وحكوماته من دعم مطالب الجماهير المشروعة التي تطالب بالتعيير

لقد ساعد الإعلام الرقمي الشباب المتحفز للتغيير من إيصال صوته عبر تلك الوسائل المتطورة مما حدا بكثير من الحكومات القابضة على السلطة بالقوة من التخوف من هذه الظاهرة وتضييق الخناق عليها بكل الوسائل المتاحة لها كحكومات لكن ما يجري الآن قد عكس ازدياد تلك الظاهرة وتصدرها للمشهد الإعلامي العالمي ليجعل الكثير من الشباب ان يكونوا مراسيل متطوعين يرسلون التقارير ويلتقطون الصور لتفوق في أحيان كثيرة ما يقوم به الإعلام المعترف  باعتبار تلك الصور تبعث من قلب الإحداث ومن صانعي الأحداث أنفسهم مما أعطاها الكثير من المصداقية والحيوية لتكون بحق وثيقة يعتد بها حد الافتخار .

لقد أيقنت الحكومات بان كل ما تقوم به لا يمكن ان يوقف حركة الشباب المتوثب وان يكون عائقا لها طالما ان أفعالهم مشروعة  تطالب بإصلاحات ملموسة تساعد على تحقيق حريتهم المفقودة على مدى العقود الطويلة التي امسك  فيها الحكام على السلطة ولم يفسحوا المجال  للآخرين من القيام بدورهم لبناء أوطانهم .

إن تلك الوسائل الرقمية المتطورة قد اندرجت ضمن الإعلام الرقمي الذي اخذ يغزوا الساحة الإعلامية بقوة ويعمل على تغيير كثيرا من وسائل الإعلام التقليدية وان يجذب الكثير ويصبح القوة الفاعلة والمؤثرة في الساحة الدولية لأنها تمكنت أن توسع من قواعدها المنتشرة في العالم لذلك استطاعت أن تكشف المسكوت عنه وان تتجاوز الممنوع لتقوم بنشر ما لا تستطيع الكثير من الصحف  والقنوات الفضائية من نشره لأسباب أمنية  او سياسية وغيرها من الأسباب  الأخرى (بالرغم من هذه الحالة تكون لها بعض الآثار  السلبية لكن على العموم فان ما يبدر منها من الايجابيات يفوق كثيرا الحالات السلبية النادرة)

إن الإعلام الرقمي قد أصبح القوة الفاعلة الآن و تمكن إن يتصدر المشهد الإعلامي بجدارة لأنه استطاع أن  يتفاعل مع الأحداث ويوصلها بشكل صادق ومؤثر للجميع  ليكون بحق شاهد حي على ما يدور في العالم .